الإصابة بالعين أمر ثابت معلوم بالشرع والعادة ، ولا يتوقف على رؤية الشيء المعِين ، بل قد تحصل الإصابة بالعين بمجرد الوصف أو الحكاية أو التخيّل .
قال ابن القيم رحمه الله : " ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية ، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء، فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية ، وقد قال تعالى لنبيه : ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ) القلم/51 ، وقال : ( قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد ) ؛ فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا، فلما كان الحاسد أعم من العائن ، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن ، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن ، نحو المحسود والمَعِين ، تصيبه تارة ، وتخطئه تارة ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه ، أثرت فيه ولا بد ، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام ، لم تؤثر فيه ، وربما ردت السهام على صاحبها ، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء ، فهذا من النفوس والأرواح ، وذلك من الأجسام والأشباح . وأصله من إعجاب العائن بالشيء ثم تَتْبعه كيفيةُ نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المَعِين ، وقد يَعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته بل بطبعه ، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني ، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء : إن من عُرف بذلك حبسه الإمام وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعا " انتهى من "زاد المعاد"